لم تتحمس أمه لخطبتها …سكنها مع أمها بمفردهما طيلة عشرين سنة كان ضمن أعذارها
التحق عبد الكريم بصفوف الجيش ، خبر سحر الاحتراق ومتعة الحنين في منابت النبض
الانفرادي ، نثر رسائله تباعا في تربة وفائه وعبقها ببذور اشتياقه ، أصبحت إجازته المقتضبة
عند رحمة وأمها . وجده اكتسي حشرجات الإدمان العصي ، قلق أمه حملها للعرافات ، لسعتها
حقيقة أن لا شفاء له من رحمة . في محراب ضعفه وإظعان أمه حملت هداياه…: زينب ماتزال
جميلة تنهدت بوجعها : هاهو ابنها عبد الكريم يدخلها جحر العقرب مرة أخرى كما تعودت تسميتها ،
زوجها الذي لايخفي تسلطها الذكوري ، لايفوت مناسبة إلا وتغني بمفاتن زينب علنا . وهو القائل
: ” وحدهم الرجال قادرون عللى الحلم في معاقل الألم “. استلفت كل مايلزمها وما لايلزم ليكون
عرس ابنتها الوحيدة فاخرا. رفع عبد الكريم ستار اللقاء المنتظر ، لامس أنفاس الجمال البكر تسللت
رحمة بين تفاصيل نبضه الذي يتقاطر هياما…وهبها من كنوز الغنج ثلاثة أعوام ، وهبته من وسائد
الهناء الوثيرة ثلاث بنات توائم ، قالت وهي تتأمله : إني أباهي بك عبد الكريم رجلا عاشقا مثلك ينقل
عدواه حيثما كانت ويجبرها أن تضاهيه عشقا. رد مبتهجا : سأهاتفك حين أصل الثكنة ، نقل فضاء رؤيته
في البهو البيت نظراته هذه المرة لم تخبرها من قبل : سأبهرك المرة القادمة سأغيرلك أثاث البيت . مرت
أسابيع أحاديثه الهاتفية تقل كل مرة عن سابقتها ، نقلت نشرات الأخبار الرسمية أن الأوضاع على الحدود
مربكة ، في صباح اليوم الموالي ذكر اسمه ضمن ضحايا شرفاء الوطن.
*فضيلة معيرش ( قاصة وشاعرة من الجزائر)